الصدر أوّل الرابحين... وكتلة غير مرئيّة للكاظمي: و«الفتح» يتراجع دراماتيكياً

الصدر أوّل الرابحين... وكتلة غير مرئيّة للكاظمي: و«الفتح» يتراجع دراماتيكياً

  • الصدر أوّل الرابحين... وكتلة غير مرئيّة للكاظمي: و«الفتح» يتراجع دراماتيكياً

اخرى قبل 3 سنة

الصدر أوّل الرابحين... وكتلة غير مرئيّة للكاظمي: و«الفتح» يتراجع دراماتيكياً

المحامي علي ابوحبله

أظهرت النتائج الأولية للانتخابات العراقية 2021 التي أعلنتها مفوضية الانتخابات، مساء الاثنين، تقدم أربعة تحالفات رئيسية نالت أكثر من نصف مقاعد البرلمان الجديد (329 مقعدا) وتتمثل التحالفات الأربعة في "الكتلة الصدرية" التي حصلت على 73 مقعدا، وتحالف "تقدم" الذي يتزعمه رئيس مجلس النواب السابق محمد الحلبوسي الذي حصل على 38 مقعدا. كما نال "ائتلاف دولة القانون" بزعامة نوري المالكي 37 مقعدا، وتصدر "الحزب الديمقراطي الكردستاني" النتائج بالنسبة للأحزاب الكردية بأكثر من 30 مقعدا.

وبحسب النتائج الأولية فقد حصل المستقلون على نحو 20 مقعدا، وحركة "امتداد" المنبثقة عن الحراك الشعبي على 9 مقاعد. وسجلت النتائج تراجعا لافتا لقوى رئيسية منها تحالف "الفتح" (الجناح السياسي للحشد الشعبي) الذي حصل على 14 مقعدا، وكذلك تيار "الحكمة" بزعامة عمار الحكيم، وتحالف "النصر" برئاسة حيدر ألعبادي اللذين لم يتمكنا من المنافسة على صدارة نتائج الانتخابات. ووصل عدد المشاركين في الانتخابات إلى نحو 10 ملايين ناخب، بنسبة بلغت 41 بالمائة ممن يحق لهم التصويت.

وأظهرت النتائج الأولية للانتخابات العراقية 2021 خسارة شخصيات بارزة دخلت العملية الانتخابية بحملات دعائية كبيرة منها وزير الدفاع الأسبق خالد العبيدي، ووزير الكهرباء الأسبق قاسم الفهداوي، ورئيس البرلمان الأسبق سليم الجبوري، ورئيس اللجنة المالية في البرلمان السابق هيثم الجبوري، والأمين العام لـ"الحزب الإسلامي العراقي" رشيد العزاوي، والنواب السابقون ظافر العاني وأراس حبيب ومحمد الكربولي وعدنان الزرفي.

قد يكون من المبكر قراءة النتائج الكاملة للانتخابات النيابية العراقية. لكن ما يمكن تسجيله، وبحذر شديد ، هو أنها حملت قدراً من التغيير، يستدعي من المعنيّين التمعّن في ما حصل وأدّى إليه، والذي بدوره لن يَظهر كلّه، وخصوصاً لجهة التدخلات الاقليميه الذي صبّ التصويتُ في الوجهة التي كان يرنو إليها. ومع كلّ ذلك، لن يكون يسيراً على ائتلاف القوى الذي سيحكم العراق في ولاية مجلس النواب المنتخَب، إدارة البلد بمعزل عن القوى الأخرى. «التيّار الصدري» حصل على تفويض ما ليكون له تأثير أكبر في قيادة البلاد في المرحلة المقبلة، ولكن موقع التيّار نفسه على الخريطة السياسية يظلّ بحاجة إلى تحديد دقيق، على رغم أن الصدر كان دائماً ما يضع نفسه في خانة المعارضة، حتى وهو في السلطة والإدارة، مشارِكاً بِمَن يسمّيهم مباشرةً وزراء ومدراء عامّين وموظفين كباراً، أو بِمَن ينسبون أنفسهم إليه. وبهذا المعنى، لا يمكن القول إن الانتخابات كانت احتجاجاً على مَن هم في الحُكم، فـ" التيّار الصدري"  كان في السلطة وحَقّق نصراً باهراً؛ ومحمد الحلبوسي شغل خلال ثلاث سنوات موقع رئاسة مجلس النواب، وأحرز أيضاً تقدّماً كبيراً؛ والأمر ذاته ينطبق على " الحزب الديمقراطي الكردستاني" ، الذي يحوز الجزء الأكبر من السلطة في " كردستان العراق" ، ويستعدّ الآن للاستئثار بحصّة " الأكراد"  منها في بغداد، علماً أن الحلبوسي  له تحالف اقليمي في العراق، بينما لا حاجة إلى التحدّث عن ارتباطات مسعود بارزاني الخارجية.

خريطة الطريق التي رسمها تحالف الفائزين واضحة، وهو تحالف تَشكّلت معالمه قبل الانتخابات، ولكن كان من الضروري عدم الإعلان عنه الآن وقد كان للمال  الانتخابي فعله في تحفيز من يُراد تحفيزه للتصويت. على أيّ حال، الواضح أن هذا الائتلاف  المتبلور لا يريد أقلّ من تغيير السلطة في العراق، ليس بالمعنى الخدمي لوظيفة الدولة، وإنما بمعنى دورها السياسي وانتمائها إلى التكتّلات الإقليمية، ولذلك عنوان واحد هو إضعاف " الحشد الشعبي"  الذي هيمن على المشهد العراقي منذ نجاحه في طرد تنظيم " داعش"  من العراق، وغُدوّه، بعد هزيمة التنظيم، يثور  جدل في معرض البحث عن " توصيف وظيفي"  جديد له، بين أن يَترك السياسة نهائياً ويندمج عناصره في القوى الأمنية، أو أن يظلّ قوّة احتياط مستقلّة. لكن السيناريو الأسوأ هو الذي حصل، حيث انغمس الحشد في السياسة كلّياً، والأخطر أن طموحات قادته الشخصية تفوّقت على مصلحة المؤسسة، وكانت النتيجة خسارة انتخابية مدوّية.

المعلومات تفيد بأن قوى في محور المقاومة هي التي أقنعت الصدر بالعودة عن قراره مقاطعة الانتخابات، وهو الأمر الذي ساهم، بلا أيّ شكّ، في رفع نسبة التصويت له. لكن انخفاض كتلة " تحالف الفتح"  النيابية المُمثِّلة لـ" الحشد"  شيء، ونقل العراق إلى موقع مختلف شيء آخر. الأمر الثاني يحدّده سلوك القوى الفائزة في الانتخابات، ولا سيما " التيّار الصدري" ، كونه المتصدّر بـ73 نائباً لصالح ائتلاف " سائرون"  - من أصل 329 عضواً في مجلس النواب المنتخَب - مقابل 54 نائباً في المجلس المنتهية ولايته. والتيّار، ممثَّلاً بزعيمه مقتدى الصدر، يجاهر بعدائه للأميركيين وإسرائيل، وإنّما لديه مقاربة مختلفة نوعاً ما لطريقة إدارة علاقات العراق مع محيطه الإقليمي. وحتى لو كان يملك أكبر كتلة برلمانية، فهو لن يستطيع اختزال التمثيل الآخر، سواءً على المستوى الوطني أو " الشيعي" ، حيث لا يزال يتعيّن عليه أن يتقاسم التمثيل مع " تحالف الفتح"  برئاسة هادي العامري، و" ائتلاف دولة القانون"  الذي يتزعّمه نوري المالكي، و" تيّار الحكمة"  برئاسة عمار الحكيم، ونوّاب مستقلّين.

( التيار الصدري) ، وفق السيناريو المتقدّم، سيكون له  حقّ اختيار رئيس الوزراء المقبل، فيما يُتوقّع أن يبقى الحلبوسي رئيساً لمجلس النواب، ويختار بارزاني رئيس الجمهورية. لكن التحالف العتيد لا يملك، على أيّ حال، أغلبية مريحة للحُكم، وبالتالي سيظلّ عدم سيطرة أيّ قوّة واحدة، أو مجموعة من القوى، سيطرة مطلقة على البرلمان، باباً واسعاً لعدم استقرار السلطة، خصوصاً إذا كانت لبعض أطراف التحالف المحتمل مشاريع ذات تأثير على هوية العراق وموقعه. ممّا يُتوقّع أن تسوّغه النتائج أيضاً، إبقاء ألكاظمي في موقع رئاسة الوزراء لولاية ثانية، لا سيما أنه قيل إن انسحاب تيّارَي " المرحلة"  و" ازدهار"  المؤيّدَين له من الانتخابات، جاء في سياق اتفاق مع الصدر على التجديد له، فضلاً عن أن اختيار " التيّار الصدري"  مرشّحاً " صريحاً"  لموقع رئاسة الحكومة، سيلغي عملياً أيّ مسافة من الحكم يمكن أن يأخذها الصدر، وفق التكتيك الذي يتّبعه التيار، وسيُحمّله بالتالي مسؤولية تركة ليس سهلاً تغييرها، فكيف في ظلّ استمرار تشتّت القوى في البرلمان؟

 

التعليقات على خبر: الصدر أوّل الرابحين... وكتلة غير مرئيّة للكاظمي: و«الفتح» يتراجع دراماتيكياً

حمل التطبيق الأن